روائع مختارة | قطوف إيمانية | نور من السنة | احفظ الله يحفظك

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
روائع مختارة
الصفحة الرئيسية > روائع مختارة > قطوف إيمانية > نور من السنة > احفظ الله يحفظك


  احفظ الله يحفظك
     عدد مرات المشاهدة: 2635        عدد مرات الإرسال: 0

عن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما قال: كنت خلف النبي صلى الله عليه وسلم يوما، فقال لي: «يا غلام، إني أعلمك كلمات: احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل الله، وإذا إستعنت فإستعن بالله، واعلم أن الأمة لو إجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، إن إجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام وجفت الصحف» رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح.

وفي رواية غير الترمذي: «إحفظ الله تجده أمامك، تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة، وإعلم أن ما أخطأك لم يكن ليصيبك، وما أصابك لم يكن ليخطئك، واعلم أن النصر مع الصبر، وأن الفرج مع الكرب، وأن مع العسر يسرا».

هذا حديث عظيم جدا، من وصايا المصطفى عليه الصلاة والسلام  خص بها ابن عمه عبد الله بن عباس رضي الله عنهما وهذه الوصية جمعت خيري الدنيا والآخرة، فالنبي صلى الله عليه وسلم أوصى عبدالله بن عباس، وأمره بقوله «يا غلام إني أعلمك كلمات»، وهذا اللفظ فيه تودد المعلم والأب والكبير إلى الصغار، وإلى من يريد أن يوجه بالألفاظ الحسنة، فهو إستعمل عليه الصلاة والسلام لفظ التعليم: «إني أعلمك كلمات»، وهي أوامر، فلم يقل له عليه الصلاة والسلام: إني آمرك بكذا وكذا، وإنما ذكر لفظ التعليم، لأنه من المعلوم أن العاقل يحب أن يستفيد علما. «إني أعلمك كلمات» يعني: إني أعلمك جملا ووصايا، فأرعها سمعك.

«أحفظ الله يحفظك، إحفظ الله تجده تجاهك»، وهذه هي الوصية الأولى، أمره بأن يحفظ الله، ورتب عليه أن الله جل وعلا يحفظه، وحفظ العبد ربه جل وعلا المراد منه أن يحفظه في حقوقه جل وعلا.

وحقوق الله تعالى نوعان: حقوق واجبة، وحقوق مستحبة، فحفظ العبد ربه يعني: أن يأتي بالحقوق الواجبة، والحقوق المستحبة، وأدنى درجات حفظ الله جل وعلا، أن يحفظ الله سبحانه وتعالى بعد إتيانه بالتوحيد بإمتثال الأمر، وإجتناب النهي، والدرجة التي بعدها المستحبات، هذه يتنوع فيها الناس، وتتفاوت درجاتهم.

وحفظ الله جل وعلا للعبد على درجتين أيضا:

=الأولى: فهو أن يحفظه في دنياه، أن يحفظ له مصالحه في بدنه بأن يصحه، وفي رزقه بأن يعطيه حاجته، أو أن يوسع عليه في رزقه، وفي أهله بأن يحفظ له أهله وولده، وأنواع الحفظ لمصالح العبد في الدنيا، فكل ما للعبد فيه مصلحة في الدنيا فإنه موعود بأن تحفظ له إذا حفظ الله-جل وعلا- بأداء الحقوق واجتناب المحرمات.

=الثانية: من حفظ الله جل وعلا للعبد وهي أعظم الدرجتين وأرفعهما وأبلغهما عند أهل الإيمان، وفي قلوب أهل العرفان: أن يحفظ الله جل وعلا العبد في دينه، بأن يسلم له دينه، بإخلاء القلب من تأثير الشبهات فيه، وإخلاء الجوارح من تأثير الشهوات فيها، وأن يكون القلب معلقا بالرب جل وعلا، وأن يكون أُنسه بالله، ورغبه في الله، وإنابته إليه، وخلوته المحبوبة بالله جل جلاله، كما جاء في حديث الولي المعروف، الذي رواه البخاري في الصحيح وغيره أيضا قال عليه الصلاة والسلام: قال الله تعالى في جمل ابتدأ بها الحديث، ثم قال: «ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، ولئن سألني لأعطينه، ولئن إستعاذني لأعيذنه، وما ترددت في شيء أنا فاعله ترددي في قبض نفس عبدي المؤمن، يكره الموت وأكره مساءته، ولا بد له من ذلك.

فحفظ الله جل وعلا العبد في الدين هذا أعظم المطالب، ولهذا كان عليه الصلاة والسلام يدعو الله كثيرا أن يُحفَظَ من الفتن، وأن يحفظه الله جل وعلا من تقليب القلب، «يا مقلب القلوب ثبت قلبي على طاعتك، يا مصرف القلوب صرف قلوبنا إلى طاعتك».

فالعبد أعظم المطالب التي يحرص عليها أن يسلم له دينه، والله جل وعلا قد يبتلي العبد بخلل في دينه، وشبهات تطرأ عليه لتفريطه في بعض ما يجب أن يُحفظ اللهُ جل وعلا فيه، فلهذا العبد إذا حصل له إخلال في الدين، فإنه قد أخل بحفظ الله جل وعلا، وقد يعاقب بأن يُجعل غافلا، وقد يُعاقب بحرمانه البصيرة في العلم، وقد يُعاقب بأن تأتيه الشبهة ولا يحسن كيف يتعامل معها، ولا كيف يردها، وهكذا في آيات أخر دلت على أن العبد قد يخذل، وخذلانه في أمر الدين هو أعظم الخذلان، ولهذا ينبغي للعبد أن يحرص تمام الحرص على أن يحفظ الله جل وعلا في أمره، وإن فاته الإمتثال فلا يفته الإستغفار، والإنابة وإعتقاد الحق، وعدم التردد والسرعة بإتباع السيئة بالحسنة لعلها أن تُمحى.

حفظ الله جل وعلا للعبد في الدين، أو في الدنيا أيضا راجع إلى معية الله سبحانه وتعالى والمراد بها: المعية الخاصة التي مقتضاها: التوفيق والإلهام والتسديد والنصر والإعانة.

«احفظ الله تجده تجاهك»، يعني: احفظ الله على نحو ما وصفنا تجده دائما على ما طلبت، تجده دائما قريبا منك، يعطيك ما سألت، كما ذكرت لك في حديث الولي «ولئن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه».

اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه، وصل اللهم على سيدنا محمد.

المصدر: موقع دعوة الأنبياء.